كشف تقرير للبنك الدولي حول “مشكلة سعر الصرف الموازي”، عن أن تدهور الأوضاع الاقتصادية على مدى السنوات القليلة الماضية، والضغوط المتزايدة جراء انخفاض قيمة العملات التي تواجهها البلدان النامية، تسبب في ارتفاع عدد البلدان التي لديها أسواق عملات موازية نشطة.
وأوضح البنك الدولي أنه خلال الفترة الحالية هناك أسواق عملات موازية نشطة في نحو 25 اقتصاداً، تنتمي إلى اقتصادات الأسواق الصاعدة والبلدان النامية، وفي 14 اقتصاداً منها على الأقل، يشكل فرق سعر الصرف -الفرق بين السعر الرسمي والسعر الموازي- مشكلة حقيقية، إذ يتجاوز 10 في المئة.
وقد تصدّر لبنان قائمة الدول العربية، واحتل المركز الثاني في دول المنطقة بعد إيران. إذ يصل الفارق بين سعر الصرف الرسمي وسعر صرف السوق السوداء في إيران 1192 في المئة، وفي لبنان 616.7 في المئة، فيما يبلغ فرق سعر الصرف في اليمن نحو 392 في المئة، مقابل نحو 150 في المئة في سوريا، بينما الفرق في الجزائر نحو 53.5 في المئة، مقارنة بنحو 24.8 في المئة في مصر، بينما سجل الفرق نحو 6.2 في المئة في ليبيا، مقارنة مع نحو 2.6 في المئة في السودان.
أسعار الصرف الموازية
وحسب التقرير، فقد أدى تدهور الأوضاع الاقتصادية على مدى السنوات القليلة الماضية، والضغوط المتزايدة جراء انخفاض قيمة العملات التي تواجهها البلدان النامية، إلى ارتفاع عدد البلدان التي لديها أسواق عملات موازية نشطة. وفي الآونة الحالية، هناك أسواق عملات موازية نشطة في نحو 24 اقتصاداً تنتمي إلى اقتصادات الأسواق الصاعدة والبلدان النامية. وفي 14 اقتصاداً منها على الأقل، يشكل فرق سعر الصرف -الفرق بين السعر الرسمي والسعر الموازي- مشكلة حقيقية حيث يتجاوز 10 في المئة
إن الجوانب الاقتصادية المرتبطة بأسعار الصرف الموازية واضحة، فهي باهظة التكلفة ومُشوِشة بدرجة كبيرة لجميع المشاركين في السوق، وترتبط بارتفاع معدلات التضخم، وتعوق تنمية القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي. كما أنها تؤدي إلى انخفاض معدلات النمو. وتعود أسعار الصرف الموازية بالنفع على المجموعة التي يمكنها الحصول على النقد الأجنبي بالسعر المدعوم الذي يدفعه الجميع (الذي قد يشمل مجموعة البنك الدولي وأصحاب المصلحة). ومن ثم، هناك أيضاً ارتباط قوي، إن لم يكن ارتباطاً سببياً، بين وجود أسعار صرف موازية والفساد.
أزمة ميزان المدفوعات
وغالباً ما تنشأ أسعار الصرف الموازية في البلدان عندما تلحق المشكلات بميزان المدفوعات. وتدعو سياسات صندوق النقد الدولي إلى معالجة تشوهات أسعار الصرف، لكن التقدم على هذه الجبهة كان محدوداً في العديد من البلدان التي تعاني فوارق واسعة في سعر الصرف، ومنها الأرجنتين وإثيوبيا ونيجيريا. وفي بعض البلدان، شرعت السلطات في عملية توحيد سعر الصرف. لكنها تُقدم رجلاً وتؤخر الأخرى لأن المصالح المكتسبة ستضطر إلى التخلي عن هذا النوع من الدعم. وغالباً ما ينتهي النهج التدريجي لتوحيد العملات الأجنبية بعدم توحيدها، على الرغم من الترتيبات المتكررة للصندوق.
ويمكن لأسواق أسعار الصرف الموازية أيضاً أن تقلل بدرجة كبيرة من أثر مشروعات البنك الدولي. وتتمثل إحدى المشاكل الرئيسية في الافتقار إلى أفضل قيمة للمال العام عند تمويل المشروعات التي تتضمن مصروفاتٍ بالعملة المحلية. وعندما يتم تحويل قروض البنك الدولي المقومة بالدولار إلى عملة محلية بالسعر الرسمي المقوم بأعلى من قيمته الحقيقية، فإن الموارد المتاحة بتلك العملة المحلية تقل عما لو كان سعر الصرف قد حدث بسعر السوق الموازية.
ومن شأن ذلك أن يحد من الأثر الإنمائي لعمليات البنك الدولي. فعلى سبيل المثال، إذا كانت عملية البنك الدولي تمول التحويلات النقدية للفقراء التي تُدفع بالعملة المحلية، فإن هذا يعني أن عدداً أقل من المستفيدين سيتلقون هذه الإعانة. وتتمثل المشكلة الثانية في أن بعض عائدات قروض البنك الدولي (بالدولار) يمكن للحكومات تحويلها لتمويل نفقات لا صلة لها بالمشروع، ويمكن أن تفسح المجال للممارسات الفاسدة. وتتمثل إحدى المشاكل ذات الصلة في أن الحكومة تتحمل ديوناً أعلى بالعملة الأجنبية لتحقيق مستوى معين من الإنفاق بالعملة المحلية على المشروع، مما يجعل مدفوعات خدمة الدين في المستقبل أكثر عبئاً، فضلاً عن زيادة مخاطر الدخول في حالة المديونية الحرجة. وعلى نطاق أوسع، من المحتمل أن يؤدي التمويل الكبير من البنك الدولي الذي يوفر الأموال في ظل نظام سوق الصرف الموازية إلى إطالة أمد هذا النظام.
تدابير البنك الدولي
وقد اتخذ البنك الدولي مجموعة من التدابير من أجل تثبيط سعر الصرف المدعوم، أو الحد على الأقل من تأثير أسعار الصرف الموازية على عملياته. ويهدف ذلك إلى ضمان ألا تتسبب منافع ما يقدمه من تمويل في إلحاق الضرر بالناس في البلدان النامية. أولاً، لا يقدم مساعدات لمساندة موازنات البلدان التي لديها فوارق كبيرة ومستمرة في أسعار صرف العملات الأجنبية، وذلك ما لم تتم معالجة هذا التشوه من خلال اعتمادها برنامجاً لإصلاح أسعار الصرف، بالتعاون مع صندوق النقد الدولي. ثانياً، يحاول حصر الموارد المتاحة وعزلها وأيضاً حماية القيمة الأفضل للمال العام لقروضه الاستثمارية.
ويمكن تحقيق ذلك باشتراط ألا تستخدم موارد القروض إلا لتمويل “النفقات الخارجية”، وعلى الحكومة أن تمول أي “تكلفة للنفقات المحلية” من مواردها الخاصة. وثمة طريقة أخرى، وهي مطالبة الحكومة بتقديم تمويل مقابل للتعويض جزئياً عن الفرق بين سعر الصرف الرسمي والسعر الموازي للنقد الأجنبي، في البلدان التي تكون فيها توابع سياسة سعر الصرف أكثر وضوحاً وتشوهاً. وقد التزم بالوضوح والشفافية في جميع وثائق القروض (المتاحة على شبكة الإنترنت) بشأن قضية أسعار الصرف الموازية في البلدان التي تعانيها، حيث يسلط الضوء على حجم التشوه والأثر على الاقتصاد ويحدده كمياً، كما أن البنك يوفر ملخصاً لما تم من حوار بشأن السياسات مع السلطات المختصة حول هذا القضية.